قصة كتبتها بنت معرفهاش إسمها "داليا غنيم" ~ مدونه حياتو

كمثل كل المصريين شاهدت خطاب السيد الرئيس.. ولكن بعكس الكثيرين بعث في نفسي ذلك الخطاب شعورا بالألفة.. فقد ذكرني بحدوتة قديمة وبسيطة جدا

يحكى ان رجل كان يعيش مع امه وزوجته واولاده في كوخ صغير.. وعندما ضاق به الامر ذهب الي شيخ القرية فقال له يا... شيخنا ضاق بي الحال ولم اعد اقدر على صراخ الاطفال وشكوى زوجتي واصبح الموت عندي اهون من تلك الحياه

فنصحه الشيخ ان يأتي بكلب ليحيا معهم بداخل الكوخ ثم يعود اليه بعد اسبوع

تعجب الرجل ولكنه اطاع وكله ثقة في شيخ القرية وكبيرها

وبعد اسبوع عاد اليه الرجل يشكوه ان الكلب يملأ الكوخ نباحا وزاد صراخ الاطفال وشكوى الزوجة وعويل امه فنصحه الشيخ ان يأتي بعنزة ويعود بعد اسبوع

وعاد الرجل يشكو ان المعزة اكلت الاغطية والكلب يبول في كل مكان والاطفال يحطمون كل شيء والزوجة تصرخ طيلة الوقت وامه تتمنى الموت

فنصحه ان يأتي ببقرة

عاد اليه الرجل وقد اوشك على الانهيار يبكي ويصرخ ان البقرة تركل الاطفال وكادت تقتل صغيرته بعد ان عضها الكلب والروث اصبح يغطي كل شيء وأوشك الكوخ على الانهيار

فقال له الشيخ الان اخرج حيواناتك وعد الي بعد اسبوع

وعندما عاد اليه الرجل سأله الشيخ كيف حال بيتك الان فأجاب الرجل بارتياح ان البيت اصبح نظيفا هادئا بعد رحيل الحيوانات وزوجته لم تعد تشكو واطفاله الان في امان والحياه بشكل عام فل الفل.

كمثل الشعب المصري الذي خرج من بيته يشكو من البطالة والفقر والفساد ويطالب بحقه في الحرية وقد حدده في نقاط واضحة نادى بها وعلقها في كل مكان وهي:

1) تنحي مبارك عن السلطة فوراً.

2) إلغاء قانون الطوارئ.

3) حل مجلس الشعب المزور.

4) تشكيل حكومة وطنية.

5) تعديل الدستور.

فقطع الانترنت وتعطلت خدمة التليفون المحمول.. فأصبح الشعب يطالب بحقه في العدالة والحرية والانترنت والاتصالات.. ففرض حظر التجول وسحبت قوات الشرطة من الشوارع وانتشر البلطجية يبثون الرعب..عاد الشعب يطالب بحقه في الحرية والعدالة والانترنت والامان.. فاغلقت قناة الجزيرة وانطلقت وسائل الاعلام (خصوصا المصرية) توزع الرعب المجاني على الجميع حتى من اغلق عليه بيته بعيدا عن الاحداث .. فطالب الشعب بالحرية والعدالة والانترنت والامان وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي..

فتوقفت جميع المصالح والشركات والبنوك والبورصة عن العمل مع تعطل السكك الحديدية ورحلات الطيران وانتشار البلطجية يسرقون ويدمرون ويشيعون الهلع وقلت الموارد الغذائية واصبح الكل مهددا بالجوع والمرض والسرقة او القتل..

فصرخ الشعب طالبا الامان والحرية

هنا خرج السيد الرئيس بخطابه النهائي ليعد الشعب بالنظر في تغيير بندين من الدستور (من اضافات سيادته على الدستور في الاساس).. بالاضافة الي انه قد غير بالفعل الحكومة السابقة بحكومة جديدة نصفها قديم.. ويعد (مثلما وعد مرارا وتكرارا) انه لن يترشح لفترة رئاسة قادمة.. حيث انه (كما عودنا) لم ولن يطمع في الحكم او اي مكاسب من وراء ذلك.. وهو ابدا لم يكن خائنا طيلة ال60 سنة التي افناها من حياته في خدمة مصر نصفها في الحرب والاخر في السلام.. وانه سوف يظل يخدم هذا البلد العريق مابقي له في فترته الرئاسية وسوف يدفن في ارض مصر.

فبكى الشعب وهلل وكبر فرحا بخلاصه من المعزة.. ونسي مطالبه الاساسية التي انحصرت فقط في الشعور بأمان وهمي مبعثه بضعة وعود بالنظر في التخلص من الكلب والبقرة.

وباخلاص سادت مشاعر الامتنان والود تجاه الفارس المنقذ الذي ازاح الغمة بكل كرم وبأخلاق عالية..

واصبح من يطالب بأكثر من ذلك طماع جاحد يستحق ان يسحق تحت حوافر الخيل والجمال او يسحل او يحرق في ميدان التحرير.. ولا عزاء للأحرار

لا عزاء للأحرار